في عصر الجاهلية لم تكن المرأة أحسن حالا ومكانة من الشرائع القديمة وذلك أنها أحرمت إياها في ظل الشرائع القديمة فكيف في عصر الجاهلية !
وصلت المرأة في المجتمع الجاهلي إلى مكانة من المهانة لم تصل إليها المرأة في أي مجتمع آخر , فكان العرب يعتبرنها متاعا فحسب , وكان للرجل مطلق الحرية في الجمع بين اكثر من زوجه , كما كان له مطلق الحرية في تطليق زوجته أو زوجاته وقتما شاء وله أن يرجعها وقتما شاء , أو يطلقها لأجل محدود ثم يعيدها إليه ( ويسمى الإباء , ويتم بأن يقسم الزوج ألا يقرب امرأته سنة أو سنتين أو أكثر ) وله أن يطلقها نهائيا ( كطلاق الظهار فيقول لها أنت على كظهر أمي ) كما كان الزوج المؤقت , أو زواج المتعة منتشرا بين عرب الجاهلية ( فيقول الرجل للمرأة متعيني بنفسك يوما أو يومين أو سنه أو أكثر ) وكذلك زواج الشغار ( وهو أن يتبادل الرجلان كل منهما ابنه الآخر أو أخته أو موليته بدون مهر )
وكانت المرأة توأد وهي طفلة , وتسبى في الحروب , وتحرم من الميراث شأنها شأن الولد الصغير , إذ قانون الإرث لديهم لا يورث ولا يعطي حق الميراث إلا لمن قاتل على ظهور الخيل وحاز الغنائم , وليس ذلك من مهام النساء أو الولدان ،
وكانت المرأة تورث هي نفسها مع المال و الماشية وتباع وترهن , فإذا مات زوجها ورثها ابنه الأكبر , فإن شاء تزوجها ( وسمي مثل هذا الزواج بزواج المقت لشدت كراهه العرب له ) وإن شاد زوجها غيرة واستولى غلى مهرها , أو يفصلها ويمنعها عن الزواج حتى الموت ،لا اعتبار لكرامتها ولا حسبان لشخصيتها ومشيئتها . وقد كان العرب قبيل الإسلام يكرهون أن ينجب الواحد منهم أنثى , لذا لجؤا إلى التخلص من فلذات أكبادهم , فكان وأد البنات عندهم عادة شائعة , إذ يسرع الرجل إلى دفن الطفلة التي تلدها امرأته حيه .
وقد قال الله تعالى في كتابه المبين : ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم , يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ).
وبهذا الاستعراض الشامل لأوضاع المرأة ومكانتها في شرائع الأمم قديما وفي العصور الوسطى والعصر الجاهلي يتضح أنه لم تكن تتمتع المرأة بأي حق لأنها تعتبر في تلك الشرائع لا قيمة لها إنسانيا ومهدورة الكرامة الآدمية ومحرومة من أبسط حقوقا الإنسانية وأعظمها شأنا وهو الحياة فضلا عن حقوقها الأخرى المسلوبة منها من غير إرادتها .