لقد فرحت المرأة في أول الأمر بما أحرزته من تقدم في مجال العمل ومشاركة الرجال في الحياة العامة , وانبهرت بعض النساء في ديار المسلمين بذلك وطالبت بمساواة المرأة بالرجل واختلاطها بالرجال مما جر علينا الكثير من المشكلات التي كنا في غنى عنها...
وفي الحقيقة لم تعط الحضارة الحديثة للمرأة إلا قشورا براقة وخادعة فلم تكسب المرأة إلا بؤسا وشقاء في ظل تلك الحضارة . وعندما بدأت المرأة تحس انخدعت وأنها لم تنل حقوقها بل كانت ضحية لما رسمه لها الآخرون , تراجعت عن هذا الطريق ونادت بعودتها إلى البيت تلبية لطبيعتها التي جبلها الله عليها. وهذه التجربة التي خاضتها المرأة المعاصرة بابتعادها عن بيتها وخروجها عن طبيعتها وانغماسها في مجال الاختلاط المريب واللهو الخبيث والعبث والضلال تثبت لهؤلاء الذين لا يدينون بالإسلام أن ما رسمه الإسلام للمرأة إنما هو الطريق الصحيح الذي يحفظها ويرفع شأنها ويرد إليها كرامتها .
أجل , لقد اكتشفت المرأة المريرة والأيام العصيبة أنها غدت وردة ذابلة ملقاة على قارعة الطريق تدوسها المارة ولا يشعر بمأساتها أحد ... انهارت سعادتها البيتية وضاعت أمومتها الحانية وفقدت كيانها وإرادتها وشخصيتها فغدت حامل الطفل اللقيط تبحث في شرق البلاد و غربها عن مستشفيات الوضع .
تمزقها المأساة وتحمل على كتفها الطفل المحروم من حنان الأبوة تلفها ظلمات الحيرة والندم كلما صرخ الطفل (ماما) ... لكن أنا لماذا ليس لي أب كسائر الأطفال ,ففي تقرير إحصائي أصدرته منظمة الصحة العالمية عام 1962م أنه تجري في كل عام أكثر من 15 مليون من الحوادث إجهاض أو قتل الجنين. وهذا الرقم يمثل فقط العمليات السرية الغير مشروعة قانونا , أما الدول التي تسمح بهذا العمل كالدول الاسكندنافية ومعظم دول أوربا فذاك خارج الإحصاء , وأن تقارير الإحصاء لا يتناول عمليات منع الحمل التي تشكل أضعاف هذه الأرقام . ولم تخسر المرأة الحياة فحسب بل أن الحياة خسرتها , خسرت فيها المربية الكبيرة والأم الحنون والزوجة الكريمة والشريكة الفاضلة والصديقة الأمينة .
أما لو رجعنا إلى الإسلام فإن الإسلام أعطى المرأة حقوقها لم تنلها في أي عصر من العصور ولم تصل إليها المرأة الأوروبية التي عملت في شتى المجالات والتي جعلت منها الحضارة الحديثة ترسا في عجلة الإنتاج وخرجت بها عن طبيعتها ودورها الأساسي وأقحمتها في كل الأعمال سواء كانت تناسبها أم لا .